فصل: سنة إحدى وسبعين وخمس مائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة ثمان وستين وخمس مائة:

فيها دخل قراقوش مملوك تقي الدين عمر بن شاهنشاه ابن أخي السلطان صلاح الدين المغرب فنازل طرابلس المغرب مدة وافتتحها وكانت للفرنج.
وفيها التقى مليح بن لاون الأرمني فهزمهم وكان نور الدين قد استخدم ابن لاون وأقطعه سيس وظهر له نصحه وكان الكلب شديد النصح لنور الدين معينًا له على الفرنج.
ولما ليم نور الدين على إقطاعه سيس قال: أستعين به وأريح عسكري وأجعله سدًا بيننا وبين صاحب القسطنطينية.
وفبها سار نور الدين فافتتح بهنسا ومرعش ثم دخل الموصل ودان له صاحب الروم قلج أرسلان.
وفيها توفي أبو الفضل أحمدبن محمد بن شنيف الدارقزي المقرئ أسند من بقي في القراءات.
لكنه لم يكن ماهرًا بها.
قرأ على ابن سوار وثابت ابن بندار.
وعاش ستًا وتسعين سنة.
وأرسلان خوارزم شاه بن اتسز خوارزم شاه بن محمد نوشتكين.
رد من قتال الخطا فمرض ومات فتملك بعده ابنه محمود فغضب ابنه الأكبر خوارزم شاه علاء الدين تكش وقصد ملك الخطا فبعث معه جيشًا.
فهرب محمود واستولى هو على خوارزم.
فالتجأ محمود إلى صاحب نيسابور المؤيد فنجده والتقيا فانهزم هؤلاء وأسر المؤيد وذبح بين يدي تكش صبرًا وقتل أم أخيه.
وذهب محمود إلى غياث الدين صاحب الغور فأكرمه.
وألذكر ملك أذربيجان وهمذان.
كان عاقلًا جيد السيرة واسع الممالك عدد عسكره خمسون ألفًا.
وكان ابن امرأته أرسلان شاه بن طغرل السلجوقي هو السلطان وألذكر أتابكة لكنه كان من تحت حكمه.
وولى بعده ابنه محمد البهلوان.
وأيوب بن شاذي الأمير نجم الدين الدويني والد الملوك: صلاح الدين وسيف الدين وشمس الدولة وسيف الإسلام وشاهنشاه وتاج الملوك بوري وست الشام وربيعة خاتون.
وأخو الملك أسد الدين شب به فرسه فحمل إلى داره ومات بعد أيام في ذي الحجة.
وكان يلقب بالأجل الأفضل.
دفن عند أخيه ثم نقلا سنة تسع وسبعين إلى المدينة النبوية.
وأول ما ولى نجم الدين ولاية قلعة تكريت بعد أبيه لصاحبها الخادم بهروز نائب بغداد ثم غضب بهروز عليه بسبب أخيه أسد الدين.
فقصدا أتابك زنكي فاستخدمهما.
فلما ولي بعلبك استناب عليها نجم الدين فعمر بها الخانقاه.
وكان دينًا عاقلًا كريمًا.
والمؤيد أبي به بن عبد الله السنجري صاحب نيسابور.
قتل في هذا العام.
وجعفر بن عبد الله ابن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني أبو منصور.
روى عن أبي مسلم السمناني وابن الطيوري.
توفي في جمادى الآخرة.
وملك النجاة أبو نزار الحسن بن صافي البغدادي.
كان نحويًا بارعًا وأصوليًا متكلمًا وفصيحًا متقعرًا كثير العجب والتيه.
قدم دمسق واشتغل بها وصنف في الفقه والنحو والكلام.
وعاش وأبو جعفر الصيدلاني محمد بن الحسن الإصبهاني له أجازة من بيبي الهرثمية.
تفرد بها وسمع من شيخ الإسلام وطبقته بهراة ومن سليمان الحافظ وطبقته بإصبهان.
توفي في ذي القعدة.

.سنة تسع وستين وخمسمائة:

فيها توفي نور الدين وثارت الفرنج.
ونزلوا على بانياس فصالحهم أمراء دمشق وبذلوا لهم مالًا وأسارى.
فبعث صلاح الدين يوبخهم.
وفيها وعظ الشهاب الطوسي ببغداد فقال: ابن ملجم لم يكفر بقتل علي.
فرجموه بالآجر.
وهاشت الشيعة فلولا الغلمان لقتل.
وأحرقوا منبره وهيئوا له للميعاد الآخر قوارير النفط ليحرقوه.
ولأمه نقيب النقباء فأساء الأدب.
فنفوه من الحضرة فدخل إلى مصر وارتفع بها شأنه وعظم.
وفيها توفي النقيب أوعبد الله أحمد بن علي بن المعمر الحسيني الأديب نقيب الطالبيين.
روى عن أبي الحسين بن الطيوري وجماعة.
وتوفي في جمادى الأولى.
وأبو إسحاق بن قرقول إبراهيم بن يوسف الوهراني الحمزي.
وحمزة اسم قريته.
سمع الكثير وعاش أربعًا وستين سنة.
وكان من أهل المغرب فقيهًا مناظرًا متفننًا حافظًا للحديث بصيرًا والحافظ أبو العلاء العطار الحسن بن أحمد الهمذاني المقرئ الأستاذ شيخ همذان وقارئها وحافظها.
رحل وحمل القراءات والحديث عن الحداد.
وقرأ بواسط على القلا نسي وببغداد على جماعة وسمع من ابن بيان وطبقته وبخراسان القراوي وطبقته.
قال الحافظ عبد القادر: شيخنا أبو العلاء.
أشهر من أن يعرف بل يتعذر وجود مثله في أعصار كثيرة.
وأول سماعه من الدوني في سنة خمس وتسعين وأربع مائة.
برع على حفاظ زمانه في حفظ ما يتعلق بالحديث من الأنساب والتواريخ والأسماء والكنى والقصص والسير.
وله التصانيف في الحديث والقراءات والرقائق.
وله في ذلك مجلدات كبيرة منها كتاب زاد المسافر خمسون مجلدًا.
قال: وكان إمامًا في العربية.
سمعت أن من جملة ما حفظ في اللغة كتاب الجمهرة.
وخرج له تلامذة في العربية أئمة.
منهم إنسان كان يحفظ كتاب الغريبين للهروي.
ثم أخذ عبد القادر يصف مناقب أبي العلاء ودينه وكرمه وجلالته وأنه أخرج جميع ماورثه وكان أبوه تاجرًا وأنه سافر مرات ماشيًا يحمل كتبه على ظهره ويبيت في المساجد ويأكل خبز الدخن إلى أن نشر الله ذكره في الآفاق.
وقال ابن النجار: هو إمام في علوم القراءات والحديث والأدب والزهد والتمسك بالأثر.
توفي في جمادى الأولى.
وأبو محمد الدهان سعيد بن المبارك البغدادي النحوي ناصح الدين.
صاحب التصانيف الكثيرة.
ألف شرحًا للإفصاح في ثلاث وأربعين مجلدة وسكن الموصل وأضر بأخرة.
وكان سيبويه زمانه.
تصدر للاشتعال خمسين سنة وعاش بضعًا وسبعين سنة.
وعبد النبي بن المهدي اليمني الذي تغلب على اليمن ويلقب بالمهدي.
وكان أبوه أيضًا قد استولى على اليمن فظلم وغشم وذبح الأطفال.
وكان باطنيًا من دعاة المصريين.
فهلك سنة ست وستين.
وقام بعده الولد فاستباح الحرائر وتمرد على الله فقتله شمس الدولة كما ذكرنا.
وأبو الحسن علي بن أحمد بن حنين الكناني القرطبي نزيل فارس.
سمع الموطأ من أبي عبد الله بن الطلاع.
وقرأ القراءات عن أبي الحسن العبسي وسمع من حازم بن محمد والكبار.
وحج سنة خمس مائة ولقي الكبار وعمر دهرًا ولد سنة ست وسبعين وأربع مائة.
وتصدر للإقراء مدة.
والفقيه عمارة بن علي بن زيدان أبو محمد الحكمي المذ حجي التميمي الشافعي القاضي نجم الدين نزيل مصر وشاعر العصر.
قال ابن خانكان: كان شديد التعصب للسنة أديبًا ماهرًا لم يزل ماشي الحال في دولة المصريين إلى أن ملك صلاح الدين فمدحه ثم أنه شرع في أمور وأخذ في اتفاق مع الرؤساء في التعصب للعبيديين وإعادة دولتهم.
فنقل أمرهم وكانوا ثمانية إلى صلاح الدين فشنقهم في رمضان.
قلت مات في الكهولة.
والسلطان نور الدين الملك العادل أبو القاسم محمود بن أتابك زنكي ابن أقسنقر التركي.
تملك حلب بعد أبيه ثم أخذ دمشق فملكها عشرين سنة.
وكان مولده في شوال سنة إحدى عشرة وخمس مائة.
وكان أجل ملوك زمانه وأعدلهم وأدينهم وأكثرهم جهادًا وأسعدهم في دنياه وآخرته.
هزم الفرنج غير مرة وأخافهم وجرعهم المر.
وفي الجملة محاسنه أبين من الشمس وأحسن من القمر.
وكان أسمر طويلًا مليحًا تركي اللحية نقي الخد شديد المهابة حسن التواضع طاهر اللسان كامل العقل والرأي سليمًا من التكبر خائفًا من الله قل أن يوجد في الصلحاء الكبار مثله فضلًا عن الملوك.
ختم الله له بالشهادة ونوله الحسنى إن شاء الله وزيادة فمات بالخوانيق في حادي عشر شوال.
وعهد بالملك إلى ولده الصالح إسماعيل وعمره إحدى عشرة سنة.
وهبة الله بن كامل المصري التنوخي قاضي القضاة وداعي الدعاة أبو القاسم قاضي الخليفة العاضد.
كان أحد الثمانية الذين سعوا في إعادة دولة بني عبيد. فشنقهم الملك صلاح الدين رحمه الله.

.سنة سبعين وخمس مائة:

فيها قدم صلاح الدين فأخذ دمشق ولا ضربة ولا طعنة.
وسار الصالح إسماعيل في حاشيته إلى حلب ثم سار صلاح الدين فحاصر حمص بالمجانيق ثم سار فأخذ حماة في جمادى الآخرة ثم سار فحاصر حلب وأساء العشيرة في حق آل نور الدين.
ثم رد وتسلم حمص ثم عطف إلى بعلبك فتسلمها ثم كر فالتقى عز الدين مسعود بن مودود ابن صاحب الموصل وأخو صاحبها.
فانهزم المواصلة على قرون حماة أسوأ هزيمة.
ثم وقع الصلح.
واستناب بدمشق أخاه سيف الإسلام.
وكان بمصر أخوه العادل.
وفيها توفي أحمدبن المبارك المرقعاتي.
روى عن جده لأمه ثابت بن بندار.
وكان يبسط المرقعة للشيخ عبد القادر على الكرسي.
توفي في صفر.
وخديجة بنت أحمد بن الحسن النهرواني.
روت عن أبي عبد الله النعالي.
وكانت صالحة.
توفيت في رمضان.
وشملة التركماني.
تملك بلاد فارس وجدد قلاعًا وحارب الملوك ونهب المسلمين.
وكان يخطب للخليفة.
التقاه البهلوان بن إلدكز ومعه عسكرمن التركمان لهم ثأر على شملة فانهزم جيشه وأصابه سهم فأسر ومات.
وكان ظالمًا جبارًا فرح الناس بمصرعه.
وكانت أيامه عشرين سنة.
وقايماز الملك قطب الدين المستنجدي.
عظم في دولة مولاه وصار مقدم الجيش في دولة المستضيء واستبد بالأمور إلى أن هم بالخروج فسار بعسكره نحو الموصل.
فمات في ذي الحجة وكان فيه كرم وقلة ظلم.
وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن خليل القيسي اللبلي نزيل فارس ثم مراكش.
روى عن ابن الطلاع وحازم بن محمد وسمع صحيح مسلم من أبي علي الغساني.
قال ابن الأبار: كان من أهل الرواية والدراية.
لازم مالك بن وهيب مدة.

.سنة إحدى وسبعين وخمس مائة:

فيها نقض صاحب الموصل.
وسار السلطان سيف الدين غازي بن قطب الدين.
فالتقاه صلاح الدين بنواحي حلب على تل السلطان.
فانهزم غازي وجمعه وكانوا ستة آلاف وخمس مائة ولكن لم يقتل سوى رجل واحد.
ثم سار صلاح الدين فأخذ منبج ثم نازل قلعة عزاز مدة.
وقفز عليه الإسماعيلية فجرحوه في فخذه وأخذوا فقتلوا.
وافتتح القلعة.
ثم نازل حلب أشهرًا ثم وقع الصلح وترحل عنهم.
وأطلق قلعة عزاز لولد نور الدين.
وفيها توفي الحافظ ابن عساكر صاحب التاريخ الثمانين مجلدة أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي.
محدث الشام ثقة الدين.
ولد في أول سنة تسع وتسعين وأربع مائة وأسمع في سنة خمس وخمس مائة وبعدها من النسيب وأبي طاهر الحنلئي وطبقتهما.
ثم عني بالحديث ورحل فيه إلى العراق وخراسان وإصبهان.
وساد أهل زمانه في الحديث ورجاله وبلغ في ذلك الذروة العليا.
ومن تصفح تاريخه علم منزلة الرجل في الحفظ.
توفي في حادي عشر رجب.
وحفدة العطاري الإمام نجم الدين أبو منصور محمد بن أسعد بن محمد الطوسي الفقيه الشافعي الأصولي الواعظ تلميذ محيي السنة البغوي وراوي كتابيه شرح السنةومعالم التنزيل.
وقد دخل إلى بخارى وتفقه بها.
ثم عاد إلى أذربيجان والجزيرة.
وبعد صيته في الوعظ.
قال ابن خلكان: توفي في ربيع الآخر.
ثم قال: وقيل سنة ثلاث وسبعين.

.سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة:

فيها أمر صلاح الدين ببناء السور الكبير المحيط بمصر والقاهرة في البر.
وطوله تسعة وعشرون ألف ذراع وثلاث مائة ذراع بالقاسمي.
فلم يزل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين.
وأنفق عليه أموالًا لاتحصى.
وكان مشد بنائه قراقوش.
وأمر أيضًا بإنشاء قلعة الجبل ثم توجه إلى الاسكندرية وسمع الحديث من السلفي.
وفيها وقعة الكنز.
جمع الكنز مقدم السودان خلقًا.
وجيش بالصعيد وسار إلى القاهرة في مائة ألف.
فخرج لحربه نائب مصر سيف الدين أبو بكر العادل فالتقوا فانكسر الكنز وقتل في المصاف.
قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: قيل إنه قتل منهم ثمانون ألفًا يعني من السودان.
وفيها توفي أبو محمد صالح بن المبارك بن الرخلة الكرخي المقرئ القزاز.
سمع من النعالي وغيره وتوفي في صفر.
والعثماني أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى الأموي الديباجي محدث الاسكندرية بعد السلفي في الرتبة.
روى عن أبي القاسم بن الفحام والطرطوشي وخلق.
ويعرف بابن أبي اليابس.
وكان ثقة صالحًا متعففًا يقرىء النحو واللغة والحديث.
وكان السلفي يؤذيه ويرميه بالكذب.
فكان يقول: كل من بيني وبينه شيء فهو في حل إلا السلفي فبيني وبينه وقفة بين يدي الله تعالى.
يقال توفي في شوال عن ثمان وثمانين سنة.
وعلي بن عساكر بن المرحب أبو الحسن البطائحي الضرير المقرئ الأستاذ.
قرأ القراءات على أبي العز القلانسي وأبي عبد الله البارع وطائفة.
وتصدر للإقراء وأتقن الفن وحدث عن أبي طالب بن يوسف وطائفة.
توفي في شعبان.
ومحمد بن أحمد بن ماشاذه أبو بكر الإصبهاني المقرئ المحقق.
قرأ القراءات وتفرد بالسماع من وأبو الفضل بن الشهرزوري قاضي القضاة كمال الدين محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفر الموصلي الشافعي.
ولد سنة إحدى وتسعين وأربع مائة.
وتفقه ببغداد على أسعد الميهني وسمع من نور الهدى الزينبي وبالموصل من جده لأمه على بن طوق.
وولي قضاء بلده لأتابك زنكي.
ثم وفد على نور الدين فبالغ في تبجيله وركن إليه وصار قاضيه ووزيره ومشيره ومن جلالته أن السلطان صلاح الدين لما أخذ دمشق وتمنعت عليه القلعة أيامًا مشى إلى دار القاضي كمال الدين.
فانزعج وخرج لتلقيه.
فدخل وجلس.
وقال: طب نفسًا فالأمر أمرك والبلد بلدك.
توفي في سادس المحرم وهو من بيت قضاء وفقه.
وأبو الفتح نصر بن سيار بن صاعد بن سيار الكتاني الهروي الحنفي القاضي شرف الدين.
كان بصيرًا بالمذهب مناظرًا دينًا متواضعًا.
سمع الكثير من جده القاضي أبي العلاء والقاضي أبي عامر الأزدي ومحمد بن العميري والكبار وتفرد في زمانه.
وعاش سبعًا وتسعين سنة.
توفي في يوم عاشوراء.
وهو آخر من روى [جامع الترمذي] عن أبي عامر.